DnSR5aTX4AAs3-F

المنظمات غير الربحية شريك رئيسي في التنمية

المنظمات غير الربحية هي جمعيات ومؤسسات لا تخضع للإدارة المباشرة الحكومية ولكن تقع تحت إشرافها، ولا تستهدف تحقيق الربح المادي من نشاطاتها. تتألف هذه المنظمات من أفراد أو جهات ذات اهتمامات مشتركة، وتُؤسّس لأغراض إنسانية واجتماعية. يُطلق على المنظمات غير الربحية العديد من الأسماء الأخرى، مثل المنظمات الأهلية، ومنظمات العمل الخيري، والمنظمات التطوعية، ومؤسسات العمل التطوعي، ومنظمات القطاع الثالث.

 

تلعب المنظمات غير الربحية دورا مؤثرًا وايجابيًا في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الصحية أو الثقافية أو غيرها. وتتراوح مجالات عمل هذه المنظمات بين احتياجات الإنسان والتنمية، والأعمال الخيرية، والإغاثة، وتقديم المساعدة للمرضى والمعوقين، والتعليم ومحو الأمية وغير ذلك.

يكتسب العمل الاجتماعي أهمية متزايدة، خصوصا مع اتساع الهوة بين موارد الحكومات واحتياجات الشعوب، حيث برز دور العمل التطوعي لسد تلك الفجوة، فالحكومات لم تعد قادرة على توفير احتياجات أفرادها ومجتمعاتها، سواء في البلدان المتقدمة أو النامية. فمع تزايد احتياجات المجتمع، وارتفاع تكاليف الحياة، كان لا بد من وجود جهة أخرى تساند الجهات الحكومية وتكمل دورها لتلبية الاحتياجات الاجتماعية، وهنا يأتي دور المنظمات غير الربحية.

 

تساهم المنظمات غير الربحية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، عبر:

– الحد من ظاهرة الفقر، سواء عبر الدعم المالي المباشر، أو عن طريق تقديم الخدمات للفقراء والمعوزين، أو من خلال مساعدتهم على ولوج سوق العمل، عن طريق التعليم والتأهيل والتدريب.

– بحكم قرب منظمات المجتمع المدني من الفئات الاجتماعية الهشة، فهذا يجعلها أكثر دراية باحتياجاتهم مقارنة بالحكومات والدول، والتي تبني خططها من فوق، ودون معرفة دقيقة بالاحتياجات المجتمعية لكل فئات المجتمع، وهو أمر طبيعي، إذ أنّ الحكومات تعمل على نطاق واسع، وتحاول تدبير معايش ملايين، أو عشرات ملايين الناس، بخلاف المنظمات غير الربحية التي تعمل على نطاق أضيق بكثير، حيث تخدم غالبا فئات محددة، وفي مناطق معينة.

– المنظمات غير الربحية عموما أكثر كفاءة في تقديم الخدمات الاجتماعية بجودة عالية، وبتكلفة قليلة مقارنة بالأجهزة الحكومية، التي تعاني من البيروقراطية والتصلب الإداري وارتفاع تكاليف تنفيذ البرامج والمشاريع، وأيضا التأخر في التحرك.

– على خلاف أجهزة الدولة، فإنّ المنظمات غير الربحية تعمل في بيئة تنافسية، إذ  تتنافس في ما بينها للحصول على الدعم والتمويل، ومن ثم فهي تعمل بشكل دؤوب على إثبات قدرتها على تقديم الخدمات بأقل التكاليف، وفي أسرع وقت.

– في الولايات المتحدة مثلا، يُقدّر معدل ساعات التطوع المبذول ما يوازي عمل تسعة ملايين موظف، ويقدر مجموع الوقت الذي يتم التطوع به بما قيمته 176 مليار دولار، وهذا يُبين القيمة المضافة الهائلة التي يقدمها القطاع غير الربحي في دفع عجلة التنمية.

– يسهم قطاع العمل الاجتماعي في زيادة فرص العمل، إذ تشير الإحصائيات إلى أنّ نسبة مساهمة القوى العاملة في منظمات المجتمع المدني إلى اجمالي السكان الفاعلين اقتصادياً تشكل مايقارب 4,4% على المستوى العالمي.

– تساعد المنظمات غير الربحية على إعادة توزيع الثروة بين فئات المجتمع، عبر برامجها ومشاريعها التنموية التي يستفيد منها ذووا الدخل المحدود. وهذا بدوره يخفف الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.

 

تلعب المنظمات غير الربحية ايضًا دورا بالغ الأهمية في التنمية الاجتماعية، عبر:

– تنفيذ برامج متكاملة في مجالات الرعاية والتنمية الاجتماعية، مثل التعليم والتدريب والتأهيل ومحو الأمية، وبرامج مساعدات المرضى، ومساعدة أسر السجناء والمعوقين، وإقامة المراكز الاجتماعية للشباب، وإطعام المحتاجين.

– يمكن أن تساعد المنظمات غير الربحية على التوعية الاجتماعية، ومعالجة الأمراض الاجتماعية مثل الإدمان والتشرد وغيرها، عبر البرامج التوعوية والتثقيفية والدعوية.

– إنّ العمل التطوعي يؤدي إلى الراحة النفسية، وينمّي الثقة بالنفس عند المتطوع، فهو من دروب الإحسان التي يُجازي عليها الله تعالى، وتحظى بتقدير كل من الحكومات والمجتمع. كما أنّ الانخراط في العمل التطوعي يعد بمنزلة استثمار لوقت الفراغ لجميع المتطوعين بشكل عام، ولفئة الشباب العاطلين عن العمل، أو المتقاعدين بشكل خاص.

 

لا يقتصر دور منظمات المجتمع المدني على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحسب، ولكن يمتد ليشمل مجالات تنموية أخرى:

– تتخصص الكثير من المنظمات غير الربحية في مجال المحافظة على البيئة، وتوعية المواطنين بأهميتها، وكيفية المحافظة عليها. كما تشرف على برامج ومشاريع بيئية، من قبيل برامج النظافة العامة، والتشجير وتدوير النفايات.

– تدعيم الخدمات الصحية من خلال البرامج الصحية الخيرية، خصوصا في المناطق الريفية التي تعاني عادة من نقص حاد في الخدمات الصحية، كما تعمل على توعية أفراد المجتمع بأساسيات الحياة الصحية والوقاية من الأمراض، وتعزيز السلوكيات الصحيحة، مثل النظافة وغسل اليدين قبل الأكل وتعقيم مياه الشرب.

– بحكم قرب المنظمات غير الربحية من أفراد المجتمع، فبإمكانها تقديم المشورة والاقتراحات البناءة التي قد تساعد صانعي القرار في القطاع الحكومي على إيجاد حلول للقضايا المعقدة والشائكة، و الاستفادة من تجارب وخبرات تلك المنظمات عند صياغة القوانين.

 

هناك ملايين المنظمات غير الربحية على مستوى العالم، والتي تشرف على برامج ومشاريع تنموية يستفيد منها مئات الملايين من الناس حول العالم. هذا الدور الكبير الذي تلعبه المنظمات غير الربحية، وازدياد نشاطها وحضورها على الصعيد العالمي، جعلها تنال اعتراف منظمة الأمم المتحدة والحكومات الوطنية كشريك أساس وفعّال في التنمية. فقد صارت هذه المنظمات على درجة كبيرة من الأهمية، ولم يعد من الممكن تجاهلها في أي خطة جادة للتنمية. ولذلك حاولت الكثير من الدول، سواء على الصعيد العالمي، أو العربي، سنّ تشريعات وقوانين تضمن توفير بيئة العمل المناسبة والمشجعة لعمل هذه المنظمات، لتعظيم أدوارها وتأثيراتها الاجتماعية.

modern-equipped-computer-lab

5 أسباب تجعل مُسرّعات الأعمال الاجتماعية الحل المناسب لمنظمتك

لقد صارت مُسرّعات المنظمات غير الربحية جزءً حيويًا من النسيج المجتمعي والتنموي، إذ تساعد المنظمات غير الربحية على النمو والتوسع، وتضع بين يديها الكثير من الأدوات التي تُسرّع من وتيرة عملها، وتجعلها أكثر كفاءة واستدامة، في هذه المقالة سنعرض خمسة أسباب لماذا مسرّعات المنظمات ضرورية لمنظمتك.

 

1. حشد الموارد وتنويع مصادرها

هناك حوالي 10 ملايين منظمة مدنية حول العالم، ولكل منظمة برامجها وأهدافها المجتمعية، وكلها تحتاج إلى إيجاد مصادر للتمويل. فوسط هذا العديد الكبير من المنظمات، لم يعد يكفي لإقناع المانحين أن تكون للمنظمة رؤية ورسالة إنسانية نبيلة، ولكنها ينبغي أن تثبت أنّها أجدر من مئات، أو حتى آلاف المنظمات الأخرى التي تنشط في القطاع غير الربحي. تعيش المنظمات غير الربحية ضغطًا دائمًا، فمهما بلغ حماس وصدق العاملين فيها، فلا بد لها من المال إن أرادت أن تحدث فرقا في هذا العالم. تعلم المنظمات مدى صعوبة إقناع الجهات المانحة بدعم مشاريعها، فلكي تحصل على التمويل من المؤسسات المانحة، عليها كتابة طلبات منح ومقترحات مشاريع ذات جودة عالية، ومصاغة باحترافية ودقة كبيرة، وهو أمر قد يأخذ الكثير من الوقت والجهد. هنا تدخل المسرعات على الخط، إذ توفر أنظمةً فعالة وقوية لأتمتة وتسريع مثل هذه المهام الروتينية، وغيرها، فعمليا يمكن أن تختصر هذه المسرعات المدة اللازمة لكتابة طلبات المنح من أسابيع، إلى بضع ساعات فقط، وهذا سيعطي لمنظمتك فرصة أكبر للحصول على التمويل مقارنة بالمنظمات التي لا تزال تعتمد الطرق التقليدية. ستساعد المسرّعات منظمتك على بناء استراتيجية قوية لتحصيل الدعم المالي، ويمكن في بعض الأحيان أن تضاعف ميزانية المنظمة حتى أربعة أضعاف.

 

2. زيادة الفعالية وتحسين الأداء

تهدف المسرعات إلى تحقيق قفزات نوعية في العمل الخيري الإنساني، من خلال رفع الكفاءة المالية للمنظمات غير الربحية، وتسخير التكنولوجيا المتقدمة لخدمة أهدافها الخيرية، من خلال حلول مبتكرة وأدوات حديثة. معظم المسرّعات توفر برامج تدريبية على حشد الموارد، والإدارة المالية، وتصميم المشاريع الاجتماعية المستدامة، والتخطيط وبناء استراتيجيات العمل، وكتابة المقترحات وطلبات المنح، وتطوير الشفافية والمساءلة والتسويق الرقمي. إدارة منظمة غير حكومية بطريقة تقليدية لم يعد مُستدامًا، فقد صارت المنظمات غير الربحية تدرك الحاجة إلى أن تصبح أكثر استقلالية ومرونة، وإلى أن تطور من أساليب عملها ومقارباتها، وهذا أمر يمكن أن تسهّله مسرّعات المنظمات.  

 

3. الابتكار والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة

نعيش في عصر الثورات التكنولوجية، والابتكارات غير المسبوقة في العديد من المجالات، مثل الذكاء الاصطناعي، والتعديل الوراثي، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والتكنولوجيا الحيوية وغيرها. هذه الابتكارات يمكن في حال تمكنت المنظمات غير الربحية من استغلالها أن تحل الكثير من المشكلات التي تعاني منها المجتمعات، مثل الجوع والتعليم والصحة والأمن وغيرها، لكن للأسف، لم تنجح المنظمات غير الربحية لحد الآن في تطبيق هذه الأفكار والابتكارات وتسخيرها لحل المعضلات الاجتماعية والتنموية التي تعمل عليها، لكن مع ظهور المُسرّعات، صار هناك أمل في تحقيق ذلك. تساعد المسرّعات على تسخير التكنولوجيا الحديثة لتحسين حياة الناس، وتسريع البرامج الخيرية في كافة المجالات، والتعامل مع التحديات التي تواجهها المجتمعات، ورفع الكفاءة المالية وتطوير قدرات المنظمات الخيرية من خلال أدوات جديدة ومبتكرة. تُعد المسرعات الإنسانية إحدى أفضل النماذج العربية في هذا المجال، وهي تجربة إماراتية رائدة، تهدف إلى تحقيق قفزات نوعية في العمل الخيري الإنساني، من خلال رفع الكفاءة المالية للمؤسسات التنموية والإنسانية، وتطويع التكنولوجيا المتقدمة لخدمة الإنسانية، من خلال حلول مبتكرة وأدوات حديثة.  

 

4. الاستفادة من القطاع الخاص

يتميّز القطاع الخاص بمرونة وحيوية يُحسد عليها، فلديه قدرة كبيرة على التكيّف السريع مع مستجدات السوق والتوجهات الاجتماعية، واستغلال المستجدات العلمية والأفكار الجديدة، سواء كان مصدرها الجامعات أو المراكز البحثية الأكاديمية أو الشركات، كما أنّه قادرٌ على الوصول إلى ملايين، وأحيانًا ملايير الناس، والتأثير في حياتهم بشكل عميق. صارت الكثير من منظمات القطاع الثالث تحاول تطبيق النماذج التي يعتمدها القطاع الخاص في المجال التنموي والاجتماعي. وهو أمرٌ يمكن أن تساعد فيه المسرعات عبر تمكين المنظمات غير الربحية من الاستفادة من نقاط القوة التي يتمتع بها القطاع الخاص، مثل التصميم المرن، والقدرة على تعديل نماذج ومقاربات العمل والحصول على ردود أفعال العملاء. هذا من شأنه أن يساعد منظمات القطاع الثالث على تخطي التحديات التي تواجه القطاعات الرئيسية، وتبتكر الحلول المناسبة لها، وتواصل بناء علاقات التعاون مع الشركات الرائدة في القطاع الخاص لترجمة هذه التصورات وتحويلها إلى مشاريع تخدم مسيرة التنمية.  

 

5. الدخول إلى عالم الجيل الثاني من المنظمات غير الحكومي

الجيل الجديد من المنظمات غير الحكومية، أو ما يطلق عليه ” المنظمات الحكومية 2.0″ (NGO 2.0)، هو مفهوم جديد يقوم على تطوير المنظمات غير الحكومية التقليدية عبر إدماج أفضل الممارسات المبتكرة المتوفرة اليوم في بنيتها الداخلية، عبر الاستفادة من الثورة الرقمية وسلاسل الكتل وغيرها.

 

بعض المسرّعات تعرض برامج تدريبة، وأدوات موجّهة لمساعدة منظمات القطاع غير الرحبي على التحول إلى “منظمات حكومية 2.0″، عبر تزويدها بأحدث التقنيات، وتوجيهها وفق أفضل الممارسات المبتكرة المتاحة لنا اليوم.